الخميس، 7 فبراير 2008


الإمبراطورية الرومانية هو مصطلح أطلق على المرحلة التي تلت الجمهورية الرومانية التي حكمت روما ، فهي تطور للحكم السياسي لروما ، وقد تميزت مرحلة الحكم الإمبراطوري لروما في تلك الفترة بـالحكم الاستبدادي ، وقد خلف الحكم الإمبراطوري 500 عام من الحكم الجمهوري لروما ( 510 ق . م - القرن الأول قبل الميلاد ) الذي كان قد ضعف بسبب النزاع بين جايوس ماريوس و سولا والحرب الأهلية من يوليوس قيصر ضد مومبي ، ليس هناك تاريخ محدد يبين انتقال روما من الجمهورية إلى الإمبراطورية ، ولكن يمكن اعتبار بداية الإمبراطورية الرومانية من بداية تعيين يوليوس قيصير دكتاتوراً دائماً لروما سنة 44 ق . م ، في المرحلة التي انتصر فيها أوكتافيين وريث يوليوس قيصر في معركة أكتيوم ( 32 سبتمبر 31 قبل الميلاد ) ، وكذلك منح مجلس الشيوخ الروماني عبارات التعظيم لأوكتافيين عبارات التعظيم وتلقيبه ( أغسطس العظيم ) في ( 16 يونيو 27 ق . م ) .

نبذة عن الرومان
ليس هناك وثائق أو إثباتات تاريخية تحدد مجيء الرومان إلى شبه الجزيرة الإيطالية وتأسيسهم مدينة روما وإنما يعتمد المؤرخون على مجموعة من الأساطير والروايات التي تناقلها الأشخاص الذين درسوا التاريخ القديم على مر العصور. وتؤكد الاكتشافات الآثارية والمستندات التاريخية وقائع تأسيس القرية الصغيرة على يد الزعيم اللاتيني (رومولوس) Romulus وقد أطلق عليها اسم (روما) نسبة إلى مؤسسها (رومولوس) ونصب نفسه ملكاً عليها كأول ملك على روما والمناطق المحيطة بها، وأسس بذلك سلسلة من الملوك، بلغ عددهم سبعة حكموا روما. وتشير الروايات إلى أن (رومولوس) ركز خلال تأسيس الدولة على النواحي العسكرية وقد وضع استراتيجية تتلخص في الآتي:

السيطرة على الأراضي المحيطة بروما.
أرسى القواعد الأولى للشرائع والديانة الرومانية .
التوسع والسيطرة على الأقاليم المجاورة. تأسيس مدينة روما التاريخية
أسقطت ثورة الشعب الروماني الملك الطاغية (تارلينيوس) واعتبر الرومان عام (509ق.م) مفترقاً أساسياً في حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأطلقوا عليه اسم (عام المجد) وكان ذلك بعد سلسلة من الأحداث السياسية والعسكرية التي لا تزال غامضة حتى وقتنا الحاضر، وتوصل الشعب الروماني إلى تنظيم جديد للسلطة في روما، وابتداءً من ذلك التاريخ بدأت العملية الفعلية لبناء الإمبرطورية الرومانية، فعملوا على التوسع الجغرافي حيث وضعوا نصب أعينهم هدفاً أساسيا ينحصر في التوسع الجغرافي باستخدام القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية، ورأوا بأن هذه الطريقة هي الأفضل لتحقيق طموحات هذه الدولة الفتية، فبدأوا بحروب شبيهة بالغزوات القبلية المحدودة تستهدف إخضاع العشائر والعائلات المحيطة بروما وكان ذلك خلال مراحل قيام الجمهورية الأولى التي قامت بتأسيس الإمبراطورية الرومانية، ثم بدأت مرحلة قيام الجمهورية الثانية التي شهدت تحول الدولة الصاعدة من قوة لاتينية داخل شبه الجزيرة الإيطالية إلى قوة عسكرية عالمية تتأثر بما يجري وتؤثر على ما يجري في مركز العالم القديم (حوض البحر الأبيض المتوسط) وفي هذه المرحلة انتهت حروب روما داخل شبه الجزيرة الإيطالية، وبدأت حروب الرومان مع الفينيقيين (القرطاجيين) التي كانت مدينة قرطاجة الكائنة في شمال أفريقيا عاصمة لهم، وقد سميت هذه الحروب (بالحروب البونيقية) Wars Punic First.

قيام الامبرطورية الرومانية
بدأ الصراع الروماني- القرطاجي كصراع تجاري ثم أخذ أبعاداً عسكرية وكان أول احتكاك بين الطرفين عندما احتل الرومان جزيرة صقلية عام (264ق.م) واعتبر القرطاجيون هذا الغزو مساساً مباشراً بمصالحهم الاقتصادية والسياسية، وهذه الواقعة كانت البداية الأولى بين الرومان والقرطاج وقد استمرت الحرب البونية من عام (264ق.م) إلى عام (241ق.م). وفي الحروب البونية خاض الطرفان سلسلة من المعارك البرية والبحرية حسم بعضها وبقي الآخر دون نتائج حاسمة ولكن كان غالبية حسم المعارك للرومان وخصوصاً المعارك البرية أما المعارك البحرية فكانت غالباً نتائجها للقرطاجيين حيث كانت معظم قواتهم بحرية بخلاف الرومان الذين كانت قواتهم برية. وقد حقق الرومان أول إنجاز لهم عندما أخرجوا القرطاجيين من صقلية عام (241) قبل الميلاد، ثم تلا ذلك أن تمكن القائد الروماني (ماركوس ديغولوس) من هزيمة الأسطول القرطاجي عام (256ق.م) وكانت هذه المعركة أول معركة بحرية يخوضها الجيش الروماني، ولكن القرطاجيين لم يستكينوا للرومان وقرر قائدهم في هذه الحقبة من الزمن (هانيبال) الاستمرار في مدّ رقعة السيطرة القرطاجية على الساحل الأسباني وقد وصلوا إلى (مرسليا) عاقدين العزم على غزو الأراضي الإيطالية من الجهة الشمالية الغربية، وكانت آمال (هانيبال) كبيرة في أن يساعده الرومان. وبدأ القرطاجيون حملتهم الجديدة على الرومان، ومن هنا بدأ ميزان القوى يميل ضد مصالح (روما) فبعد أكثر من عشر سنوات من الحروب المستمرة مع أعداء مختلفين على جميع الاتجاهات لشبه الجزيرة الإيطالية، قويت حملة (هانيبال) المدروسة والمعد لها جيداً وأصبحت مثل رأس الحربة في وجه الطموحات الرومانية، خصوصاً أن هذه الحملة قد ظهرت مع ظهور عدد من الأطراف المعادية للرومان وأصبحت الدولة الرومانية في ريب وخوف من التحالفات التي سوف تقف في وجه المخططات التوسعية. انتصارات هانيبال: تمكن هانيبال من تحقيق سلسلة من الانتصارات للقرطاجيين على الرومان تتمثل في : - الانتصار على الجيش الروماني في معركة (كاني) CANNAE . - الاستيلاء على مدينة (ساعونتوم) حليفة روما. - قطع نهر (تريبيا) . وقد سبق تلك الفترة تحالف بين الملك المقدوني (فيليب الخامس) و (هانيبال) ضد الرومان. وزاد الطينة بلة انفصال (سيراكوز) في صقلية عن السلطة المركزية في روما ومن هنا أصبحت روما على حافة الهزيمة ولكن أصر الرومان على الصمود في وجه جيوش هانيبال وحلفائه وبهذا الصمود تعثر تقدم هانيبال إلى روما وتم دحر الجيوش القرطاجية، وقد تعددت أسباب الهزائم القرطاجية ومنها : 1- القدرة الرومانية على مواجهة المصاعب بهدوء ورباطة جأش. 2- الاستفادة من الدروس العسكرية القتالية المتتابعة بأسرع وقت. 3- بقاء معظم حلفاء روما اللاتينيين إلى جانبها في أوقات الأزمات. 4- عدم وصول المساعدات والإمدادات إلى قوات (هانيبال). 5- كانت الحكومة القرطاجية تعاني من الانقسامات والفساد مما أدى إلى عدم مساندة الحملة الهانيبالية. 6- كان القسم الأكبر من جيش (هانيبال) من الخيالة. وكان هذا السلاح فعالاً في العمليات القتالية المتحركة والسريعة، ولكنه غير ملائم لعمليات الحصار واحتلال الأراضي. وهذه المواقف والمؤثرات استغلها الرومان فأعادوا تنظيم جيوشهم ونشرها على مختلف الجبهات وقاموا بسلسلة من الحملات التي أدت إلى استعادة كل من مدينة (سيراكوز) و(كابي)، وقرر الرومان فتح جبهة في أسبانيا لمحاصرة قوات (هانيبال) ومنع التعزيزات من الوصول إليها. وقد ألحقت القوات الرومانية هزيمة بالقوات القرطاجية في معركة (إيليبا) Ilipa في أسبانيا وفي هذه الأثناء تراجع الملك المقدوني (فيليب) الخامس عن التحالف مع هانيبال فسعى الرومان إلى مصالحته. وقد قاد القائد الروماني (سيبيو) جيشاً قوامه (25) ألف رجل من المشاة المدعمين بالخيالة وقطع به البحر الأبيض المتوسط متجهاً إلى قرطاجة، وأصر القرطاجيون على استدعاء هانيبال من أسبانيا لقيادة الجيوش القرطاجية، والتقى الجيشان في معركة (زاما) التي انهزم فيها القرطاجيون. بعد هذه الهزيمة عقدت معاهدة اتفق فيها الطرفان على أن : - يدفع القرطاجيون الجزية خمسين عاماً. - تخفيض سفن القرطاجيين إلى عشر سفن. - عدم شن أي حرب خارج أفريقيا إلا بموافقة روما. وهذا الانتصار الروماني كان من نتائجه السيطرة الرومانية على الساحل الأسباني الشرقي والجنوبي وتم تقسيم أسبانيا إلى مقاطعتين تحت اسم أسبانيا القريبة وأسبانيا البعيدة.

امبراطورية روما عصر التوسع الروماني
بدأ العد العكسي في حياة الدولة الرومانية اعتباراً من عام (235م) فقد شهد ذلك العام ازدياداً خطيراً في الاضطرابات السياسية والاجتماعية وتصاعدت فيه الهجمات الخارجية وخصوصاً من القبائل الهمجية والجرمانية وعودة الإمبراطورية الفارسية في الشرق التي انتزعت أرمينيا من يد الرومان وسيطرت على أراضي ما بين النهرين وزحف الجيش الفارسي واجتاح إنطاكية وسوريا ولم يستطع الرومان صدّه حتى جاء الإمبراطور (ديوكلتيانوس) DIOCLETIAN الذي يعتبر مؤسس الإمبراطورية الثالثة وتمكن من إعادة الحكم بحيث يسند إلى أربعة أشخاص يتقاسمون السلطة وهو النظام الذي عرف باسم (الحكم الرباعي) وقد استمر العمل بهذا النظام حتى عام (305م) ثم تبع ذلك صراع على السلطة استمر طيلة الفترة من (306- 313م) إلى أن جاء إلى العرش الإمبراطور (قسطنطين) الذي اعتبر حكمه نقطة تحول أساسية في مسار الإمبراطورية الرومانية.

عهد قسطنطين
في القرن الثالث اتضح أن الإمبراطورية قد انتهت كدولة قوية كانت مسيطرة على العالم القديم، وفي بداية القرن الرابع لم تعد الدولة موحدة بالفعل وأصبحت عرضة بشقيها الشرقي والغربي للهجمات الخارجية، ولم يكن هناك مقاومة أو وسائل دفاعية ولكن تمكن الإمبراطور (ثيودوسيوس) في الشرق من تغيير الأوضاع إذ تمكن من إعادة بناء القوة العسكرية وتنظيم الجيش الذي كان مكوناً من الفرس والقبائل الغوطية. وظل الوضع طول القرن الخامس في ازدهار ونمو وتوسع، في حين مرت الدولة في الغرب بالمزيد من الأزمات وعانت من هجمات القبائل الجرمانية. وفي منتصف القرن الخامس سيطرت القبائل الجرمانية على الدولة الرومانية في روما وأصبح الأباطرة مجرد أدوات في أيدي زعماء القبائل حتى تمكن الزعيم الجرماني (أودواسر) من خلع الإمبراطور الروماني (رومولوس اغسطولوس) Romulus ، وأعلن نفسه ملكاً على روما. عام (476م) وبهذا تم تفكيك الدولة الرومانية في أوروبا الغربية نهائياً.

ليست هناك تعليقات: